ما المراد بقوله فان اغمى عليهم فاقدروا له، قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَال وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ) وَفِي رِوَايَة : ( فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ ) وَفِي رِوَايَة : ( إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَال فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ) وَفِي رِوَايَة ( فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ) وَفِي رِوَايَة : ( فَإِنْ غُمِيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعَدَد ) وَفِي رِوَايَة : ( فَإِنْ عَمِيَ عَلَيْكُمْ الشَّهْر فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ ) وَفِي رِوَايَة : ( فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ ).
ما المراد بقوله فان اغمى عليهم فاقدروا له
هَذِهِ الرِّوَايَات كُلّهَا فِي الْكِتَاب عَلَى هَذَا التَّرْتِيب , وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ : ( فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّة شَعْبَان ثَلَاثِينَ )،
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَى ( فَاقْدُرُوا لَهُ ) فَقَالَتْ طَائِفَة مِنْ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ ضَيِّقُوا لَهُ وَقَدِّرُوهُ تَحْت السَّحَاب , وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَحْمَد بْن حَنْبَل وَغَيْره مِمَّنْ يُجَوِّز صَوْم يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ عَنْ رَمَضَان كَمَا سَنَذْكُرُهُ – إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى – وَقَالَ اِبْن سُرَيْج وَجَمَاعَة – مِنْهُمْ : مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه وَابْن قُتَيْبَة وَآخَرُونَ – : مَعْنَاهُ قَدِّرُوهُ بِحِسَابِ الْمَنَازِل , وَذَهَبَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَجُمْهُور السَّلَف وَالْخَلَف إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : قَدِّرُوا لَهُ تَمَام الْعَدَد ثَلَاثِينَ يَوْمًا.
فان اغمى عليهم فاقدروا له
قَالَ أَهْل اللُّغَة : يُقَال : قَدَّرْت الشَّيْء أُقَدِّرهُ وَأَقْدُرُهُ وَقَدَّرْته وَأَقْدَرْته بِمَعْنًى وَاحِدٍ , وَهُوَ مِنْ التَّقْدِير , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَمِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ } وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِالرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَة , فَأَكْمِلُوا الْعِدَّة ثَلَاثِينَ , وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِاقْدُرُوا لَهُ , وَلِهَذَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي رِوَايَةٍ , بَلْ تَارَة يَذْكُر هَذَا , وَتَارَة يَذْكُر هَذَا , وَيُؤَكِّدهُ الرِّوَايَة السَّابِقَة ( فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ ) , قَالَ الْمَازِرِيّ : حَمَلَ جُمْهُور الْفُقَهَاء قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاقْدُرُوا لَهُ , عَلَى أَنَّ الْمُرَاد كَمَالُ الْعِدَّة ثَلَاثِينَ , كَمَا فَسَّرَهُ فِي حَدِيث آخَر , قَالُوا : وَلَا يَجُوز أَنْ يَكُون الْمُرَاد حِسَاب الْمُنَجِّمِينَ ; لِأَنَّ النَّاس لَوْ كُلِّفُوا بِهِ ضَاقَ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا أَفْرَادٌ , وَالشَّرْع إِنَّمَا يُعَرِّفُ النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُهُ جَمَاهِيرُهُمْ.
اترك تعليقاً